التأ طير الإشكالي للمحور :
يتميز الانسان على موجودات هذا العالم وموضوعاته ، بوعيه وايضا باعتباره ذاتا متميزة ومستقلة ، غير أن هذا الإنسان ليس شخصا فحسب ، بل هو هوية متأصلة في الذات لذلك نجد الفسلفة والعلوم الانسانية قد اهتمتا معا عبر تاريخيهما بمسألة الهوية الإنسانية : فعلى اي اساسا تقوم هوية الشخص ، اذن ، هل على اساس تطابقها مع ذاتها ووحدة نفسها ؟ بمعنى اخر ، هل يفترض في هذه الهوية التي ننسبها لأنفسنا وحدة ثابتة ؟ ام ان هوية الشخص هي هوية متعددة ومتباينة ؟ لو افترضنا ان هوية الشخص هي هوية متطابقة فما هو منشأ ومصدر هذا التطابق ؟ وما هي حدوده ؟ وكيف نفسره ؟
اطروحة ديكارت :
لما كان هدف ديكارت هو معرفة ذاته واثبات لهويتها فانه سيلجأ الى الشك كاختبار منهجي لبلوغ اليقين الذي يخصه ، أي " تقرير وإثبات هوية شخصيته ، " فالإنسان يجب الا ينصاع الى الافكار المالوفة وان لا يخضع لها ، وانما يجب عليه ان يصوغ افكاره ومواقفه منطلقا في ذلك من الشك المنهجي ، الذي يؤمن بوجود الحقيقة وقيام المعرفة ويسعى الى بنائها ، على عكس الشك السوفسطائي الذي ينكر وجود الحقيقة وقيام المعرفة بما فيها هوية الانسان وحقيقته ومعرفة ذاته لقد شك ديكارت في كل شيء ، فكرة واحدة لم يشك فيها ديكارت ، اعتبرها فكرة واضحة ومتميزة لا تحتاج الى برهان ، ومن تم شكلت منطلقا لكل افكاره وهي " انا اشك ، انا افكر ، اذن انا موجود " فما دامت الذات تفكر فهي تؤكد هويتها ( التفكير والوعي ) ثم وجودها في ما بعد ولما كان الانسان جسما وفكرا ، وان هذا الجسم يتصف بالزوال ، فإن الذات الإنسانية لا تتحدد انطلاقا من الجسم بخصائصه المادية وبحواسه الخادعة ، وانما انطلاقا من الأنا كجوهر لا مادي ، يمثل هوية الشخص ، لأن الأنا / الذات ، قائمة على الفكر وحده دون اي اعتبار للجسد هكذا اذن يصبح التفكير و الوعي عند ديكارت ليس علامة على وجود الشخص فحسب ، بل ان التفكير والوعي يمثل هوية الشخص ذاته
اطروحة جون لوك :
حسب تعريف جون لوك ، فالشخص كائنعاقل مفكر ، ويكون على وعي بانه هو نفسه ذلك الكائن العاقل حيث ما كان ، وفي اي زمان كان ، يعي بانه هو نفس الشخص الذي قام بفعل معين ، وبظل ذلك الفعل لاصقا بهويته و وعيه مهما تغيرت الظروف وتعاقبت الازمان ان ما يجعل الشخص " هو نفسه " عبر امكنة وازمنة مختلفة ، هو ذلك الوعي او المعرفة التي تصاحب مختلف العمليات الذهنية والسيكولوجية وهي نفس العمليات ، التي اعتبرها ديكارت امتدادا للفكر فهي شك ، وفهم وشم وتذوق وسمع واحساس وارادة ... و ... الخ تنضاف اليها الذاكرة التي تربط الخبرات الشعورية الماضية بالخبرة الحالية ، مما يعطي لهذا الوعي استمرارية في الزمان اذن ف " لوك " و " ديكارت " متفقان على ان الهوية الشخصية تمكن في فعل الوعي ، ولكنهما يختلفان على مستوى تفسير هذا الوعي ، وكيفية تصريفه ففي الوقت الذي ترى فيه عقلانية ديكارت ان العقل ملكة فطرية ، وعليه فالإنسان يولد مزودا بالأفكار الفطرية " العقل اعدل قسمة بين الناس " يرى جون لوك بصفته رائدا للمدرسة التجريبية ، ان العقل لا يمثل جوهر الذات ، فهو مجرد صفحة بيضاء تنقل اليه معطيات الواقع الخارجي عن طريق التجربة والحواس فالطفل يخرج الى الوجود وعقله عبارة عن لوح مصقول دون ان يتضمن اي افكار قبلية سابقة على التجربة هكذا اذن يرفض جون لوك هذا التفسير ويعتبره تفسيرا ميتافيزيقيا ففكرة " الجوهر المفكر " يرى لوك صاحب النزعة التجريبية انها تنطوي على تفسير ميتافيزيقي ، معتبرا ان التجربة هي المدد الأساسي والوحيد في بناء وعي الإنسان وتفكيره
اطروحة لاشوليي :
اعتبر لاشوليي ان طبع الانسان وذاكرته هي الضامن الاساسي لوحدة الشخص وتطابقه مع ذاته على الرغم من مطاهر التحول والتغير التي تطبعها ، فان وحدة الشخص تبقى هي السمة الأساسية التي تميز الإنسان عن غيره ، وفي هذا الإطار ، فإن فعل التذكر هو الذي يمنح الفرد شعورا بهويته واناه وبثباتها ويتجلى هذا واضحا في شعور الفرد داخليا وعبر حياته وباستمرار وحدة شخصيته وهويتها وثباتها ضمن الظروف المتعددة التي تمر بها ، كما يظهر بوضوح في وحدة الخبرة الماضية التي كان يمر بها ان ما يفسر هذا الترابط في الذاكرة بين ذكريات الماضي وذكريات الحاضر : هو ان حالاتنا النفسية الحالية تتولد من حالاتنا النفسية السابقة ، وهكذا يمتد وعينا التذكري في الماضي ويتملكه ويربطه بالحاضر فيصبح الوعي اذن ، مع لاشوليي ذاكرة ، يوجد بوجودها ويضيع بضياعها